نبذة عن كتاب "قصة الإيمان" للأستاذ نديم الجسر
بقلم الأخ إحسان العتيبي الأردني
المصنف
لم أجد له ترجمة فيما وجدت من المراجع ، و"الجسر" عائلة تركية هاجرت إلى بلاد الشام واستوطنوا "لبنان" وفيهم من اشتغل بالعلم والأدب.
الكتاب
قام هذا الكتاب على الحيرة والشك في وجود الله تعالى، وفيه تقويةٌ لمذهب بعض كفَّار الفلاسفة الذين يوجبون الشك قبل الإيمان، وعلى هذا بُني الإيمان عندهم. (ص17-18-19... ).
في الكتاب ثناءٌ ومدحٌ للفلاسفة وطريقهم. فاسمع -مثلاً- إلى الشيخ "السمرقندي" وهو يقول لتلميذه الحائر "البنجابي": " وارحمتاه لكم يا شباب هذا الجيل ، أنتم المخضرمون بين مدرسة الإيمان من طريق النقل، ومدرسة الإدراك من طريق العقل، تلوكون قشوراً من الدين! وقشوراً من الفلسفة، فيقوم في عقولكم أن الإيمان والفلسفة لا يجتمعان، وأن العقل والدين لا يأتلفان، وأنَّ الفلسفةَ سبيلُ الإلحاد... وما هي كذلك يا ولدي، بل هي سبيلٌ للإيمان بالله من طريق العقل! الذي بني عليه الإيمان كله! ، ولكن الفلسفة يا بنيَّ بحرٌ على خلاف البحور، يجد راكبه الخطر والزيغ في سواحله وشطآنه! والأمان والإيمان في لججه وأعماقه!. أ.ه**(ص21).
وفيه تزكيةٌ للخلوات الصوفية والانقطاع عن الناس من غيرِ عذرٍ شرعيٍّ وبغيرِ زادٍ إيمانيٍّ ، فها هو "الشيخ الموزون السمرقندي" يحدثُنا عنه أهلُ قريته "خرتنك" أنه " منقطعٌ منذ أكثر من خمس سنوات إلى العبادة في البساتين التي حول مسجد الإمام - (أي: البخاري رحمه الله) - ولا يأوي إلى المسجد إلا إذا أَسدل اللَّيلُ سترَه ، فينام إذا كان الصيف في "الروضة" عند ضريح الإمام! وفي الشتاء يأوي إلى غرفةٍ صغيرةٍ تطل على الضريح! لا يدخلها عليه أحدٌ أبداً ، وقد حاول كثيرٌ من النَّاس أن يتصلوا به فما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، بل نحن أهل القرية لا نتصل به، وإنما نوصل إليه طعامه مع "خادم المسجد" فيضعه له في سياج البستان من غير أن يراه! " . أ.ه**(ص20).
وبعد أن يمدح المؤلفُ أئمةَ الفلسفة - المنتسبة للإسلام - كالغزالي وابن رشد وأبي العلاء المعرِّي، ينتقل لمدح الفلاسفة الغربيين أمثال "باكون" و"ديكارت" و"باسكال" و"مالبرانش" و"لوك"... وقد وصفهم الشيخ السمرقندي بأنهم "مؤمنون بالله، ما فيهم إلا واحدٌ متشكِّكٌ وآخرُ يؤمن بالله ولا يدري كيف يصفه" وقال أيضا: " وسوف ترى أن ثمانية من العشرة -(أي: من الفلاسفة الغربيين) - تلاقَوْا مع الذين حدثتك عنهم من فلاسفة المسلمين على الإيمان بالعقل! والإيمان بوجود الله ووحدانيته، وعلى البراهين الدالة عليه تلاقياً يكاد يكون حرفيًّا! ". (ص 123).
والكتابُ كلُّه قائمٌ لإثبات وجود الله تعالى بطريق العقل، والتوحيد الذي ذكره فيه هو توحيد الربوبية، بينما أهمل الجانبَ الآخرَ وهو الأهمُّ وهو " توحيد الألوهية" وهو الذي دعا إليه الأنبياءُ أولاً، وكَفَر به المشركون ، فأما "الربوبية" وإثبات الخالق المدبر الرازق فما كانوا ينكرونه.
فائدة(1)
قال شيخ الإسلام رحمه الله: أما التوحيد الذي ذكره الله في كتابه، وأنزل به كتبه وبعث به رسله، واتفق عليه المسلمون من كلِّ ملَّةٍ كما قال الأئمة، شهادة أن لا إله إلاّ الله، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، كما بيَّن ذلك بقوله { وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَانُ الرَّحِيمُ } [البقرة /163] فأخبر أن الإله إله واحد، لا يجوز أن يُتخذ إله غيره، فلا يُعبد إلا إيَّاه، كما قال في السورة الأخرى { وَقَالَ الله لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ } [ النحل/51 ]، وقال { لَا تَجْعَلْ مَعَ الله إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا } - إلى قوله - { فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا } [الإسراء/22-39]... والشرك الذي ذكره الله في كتابه إنما هو عبادة غيره من المخلوقات، كعبادة الملائكة أو الكواكب أو الشمس أو القمر أو الأنبياء أو تماثيلهم، أو قبورهم، أو غيرهم من الآدميين ونحو ذلك مما هو كثير في هؤلاء الجهمية ونحوهم ممن يزعم أنَّه محقٌّ في التوحيد، وهو مِن أعظمِ النَّاس إشراكاً. أ.ه**"التسعينية" (ص208).
فائدة (2)
قال الشيخ عبد الرحمن المحمود حفظه الله: وفي عصرنا الحاضر تأثَّر بهذا المنهج مَن تربى على كتب الأشاعرة والماتريدية، وما شابهها من كتب أهل الكلام، فتجدُ هؤلاء يؤلِّفون كتباً كثيرةً في العقيدة، ولكن جل اهتمامهم منصبٌّ على تقرير توحيد الربوبية، فإذا كتبوا عن الطب وأسرار الإنسان، أو عن الكون وآفاقه، أو عن الجبال، والبحار، أو النبات، أو الحيوانات أو غيرها، وما في دقة صنعها من دلائل قدرة الله تعالى يبرزون هذه الجوانب ليصلوا في النهاية إلى دلالتها على وجود الله، ووجوب الإيمان به، والردِّ على الملاحدة الذين ينكرون وجود الله أو يقولون بالدهر أو الطبع أو يؤلِّهون العلم. ولا شك أنَّ هذه جهود طيبة ومفيدة لفئات كثيرةٍ تأثَّرتْ بإلحاد الغرب أو الشرق، ولكن الخطأ فيها يكمن في ناحيتين:
الغلوُّ في إخضاع نصوص الوحي - من الكتاب والسنَّةِ - لتوافق النظريات العلمية الحديثة، وهذا الغلوُّ فضلاً عن أنَّه ينمُّ - في الغالب - عن روح انهزامية، إلا أنَّه أيضاً قد يجرُّ إلى تحريفٍ أو تأويلٍ لبعضِ الآيات أو الأحاديث، وإغفالٍ لما قاله الصحابة وجمهور السلف في تفسير هذه النصوص.
إغفالها للجانب الأهمِّ في التوحيد، وهو توحيد الألوهيَّة، لأنها تنتهي عند حدِّ إثباتِ وجود الله وعلمه وقدرته فقط، ولا تشرح بشكلٍ مفصَّلٍ ومركَّزٍ أنَّ على العبد إذا أقرَّ بربوبيَّة الله ووحدانيَّته أنْ يفرده بالعبادة والطاعة، وأنْ يخلص في توحيده لله بأنْ يشهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمَّداً رسولُ الله، وأن لا يصرِف أيَّ نوعٍ من أنواع العبادة ؛ من الصلاة ، والدعاء ، والخوف ، والخشية ، والرغبة ، والرهبة ، والنذر ، والاستغاثة ، والاستعانة ، والرجاء ، والمحبة إلا لله تعالى، وأنْ يحذَر مِن الوقوع في أيِّ نوعٍ مِن أنواع الشرك الذي يُبطل عملَ الإنسان وتوحيده ولو كان مقرّاً بأنَّ الله هو الخالق الرازق.
والعجيب أنَّ بعض هؤلاء الذين وقعوا في هذا الخطأ - خطأ التركيز على توحيد الربوبية وإغفال توحيد الألوهيَّة - وصل بهم الأمرُ إلى اعتبار البحث في موضوع إخلاص العبادات لله، وشرح ما يضادها من أنواع الشرك من الأمور المستنكَرة ؛ لأنَّها تؤدِّي إلى التفرقة بين المسلمين، وتكفيرِ بعضهم، والغلوِّ في جزئياتٍ لا ينبغي الوقوف عندها، وهكذا أصبح البحث والدعوة إلى تحقيق التوحيد، وسدِّ طرق الشرك والتحذير من وسائله حمايةً لجانب التوحيد الذي دعا إليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من الأمور التي لا تُعجبُ كثيراً مِن هؤلاء إنْ لم تُثِرْ سخطَهم. والله المستعان. أ.ه**"موقف ابن تيمية من الأشاعرة" (3/978-979).
انتهى
وصلات وروابط إلى مواقع ومدونات
أسماء
- معالم التنزيل) للبغوي رحمه الله (ت 510هـ) ــ بحث منقول
- فضيلة الشيخ الدكتور محمد محمد أبو شهبة رحمه الله تعالى
- من الشمس السلفي ؟؟!!؟؟ مؤلف كتاب " جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية"
- ابن جرير ::: تحذير المسلمين من القراءة في تاريخ الطبري بدون دراية بما فيه
- الموفق ابن قدامة ::: مما أُنتقد على الإمام موفق الدين بن قدامة في رسالة لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
- ابن عاشور ::: تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور فيه كثير من التأويلات والتحريفات قاله الشيخ صالح آل الشيخ
- الجاحظ ::: الجاحظ في ميزان أهل الحديث بقلم فضيلة الشيخ علي بن يحيى الحدادي حفظه الله
- الجاحظ
- ابن عطاء الله السكندري وكتابه " الحِكَم الإلهية "
- هل ابن سينا والفارابي ملاحدة أم مسلمين ؟؟!!؟؟
- أبو منصور عبد القاهر البغدادي الأشعري وكتابه الفرق بين الفرق
- الخطابي
- ابن حزم
- عبد الله بن أحمد والخلال والطبراني والسنة للجعفي وللأثرم
- أبو عبد الرحمن السلمي ومحمد بن طاهر المقدسي
- محمود شاكر
- عبد الرحمن الوكيل
- عبد الرزاق عفيفى
- أحمد شاكر
- محمد حامد الفقى
- عبدالوهاب المسيري
- منهج عباس محمود العقاد
- السيوطي
مقالات أخرى
كتب شرعية وشخصيات علمية
- أئمة ::: ما هي الكتب التي ينصح بها سماحتكم أن تقرأ في مجال العقيدة؟ ... للإمام ابن باز رحمه الله
- المزي ::: ترجمة الحافظ المزي
- النسائي ::: ما نُسِبَ إلى الإمام النسائي من التشيع بقلم فضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحيم البخاري
- السيوطي ::: قال الشيخ زيد بن محمد بن هادي المدخلي حفظه الله عن السيوطي
- ابن حزم ::: أيهما أقرب إلى أهل السنة والحديث في مسائل الصفات الأشعري وأصحابه أم مذهب ابن حزم وأمثاله ؟؟!!
- الخطابي ::: منهج الخطابي من تفريغ شرح الحموية رقم 14 للشيخ يوسف الغفيص وفقه الله
- مؤلفات أبو عبد الرحمن السلمي ومحمد بن طاهر المقدسي .لابن تيمية رحمه الله
- كتب السنة كالسنة لعبد الله بن أحمد والخلال والطبراني والسنة للجعفي وللأثرم
شخصيات معاصرة
- نبذة عن كتاب "قصة الإيمان" للأستاذ نديم الجسر بقلم الأخ إحسان العتيبي الأردني
- الشيخ المحدّث صفي الرحمن المباركفوري رحمه الله وكتاب "الرحيق المختوم"
- محم دحامد الفقى أحمدشاكر عبد الرزاق عفيفى عبد الرحمن الوكيل محمود شاكر
- منهج عباس محمود العقاد
- عبدالوهاب المسيري خدم اليهود وسخر قلمه لتبرئتهم بقلم أحد كتاب الشبكة ــ منقول
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك تعليق واحد:
كلام طيب . بوركت.
لكن للجسر ترجمة في تتمة الأعلام. وهناك كتب مفردة في ترجمته طبعت في لبنان.
إرسال تعليق