الجمعة، 15 أكتوبر 2010

الجاحظ في ميزان أهل الحديث بقلم فضيلة الشيخ علي بن يحيى الحدادي حفظه الله





الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
 أما بعد: فللجاحظ عمرو بن بحر (ت 255هـ) شهرة واسعة لكثرة مؤلفاته، وحلاوة قلمه، وحسن بيانه، لا سيما في فنون الأدب، وقد انتشرت مؤلفاته في حياته وأقبل عليها علية القوم ثم حصل لها من الشهرة والانتشار بعد ذلك شيء كثير، وفي هذا العصر اعتني بكتبه تحقيقاً وطباعة، ونشراً، واقتطفت منها مقاطع قررت في المناهج الأدبية المدرسية، مع شيء من ترجمته والتعريف به، ولكني لحظت أن كثيراً من المراجع التي تترجم له لا سيما في المناهج المدرسية تغفل الإشارة إلى كونه زائغ المعتقد إذ هو من رؤوس المعتزلة، ولا شك أن الإشادة به مع إغفال التحذير من سوء معتقده قد يغرر كثيراً من نجباء التلاميذ، فلا يؤمن أن يقبلوا على قراءة كتبه دون التنبه لما فيها من الأفكار الاعتزالية والإشادة برؤوس المعتزلة والحط من مقدار بعض أئمة أهل السنة، وما فيها من الأحاديث المكذوبة والتي لا أصل لها في كثير من كتبه، وقد حصل أن تكلمت في بعض مجالسي على عقيدة الجاحظ فاستغرب أحد النابغين من طلاب المرحلة المتوسطة هذا الأمر وكان يحفظ بعض مقالاته التي قررت لهم وكان معجباً به غاية الإعجاب، لذا رأيت أن أكتب هذه المقالة الموجزة في التنبيه على موقف أهل الحديث من الجاحظ _ وأهل الحديث هم أعدل الناس وأصدقهم في الحكم على الرجال_ حتى لا ينطلي حاله على جمهور القراء. فمن كلام أئمة الجرح والتعديل عن الجاحظ ما يلي
: قال الذهبي في ميزان الاعتدال: "عمرو بن بحر الجاحظ صاحب التصانيف روى عنه أبو بكر بن أبي داود فيما قيل قال ثعلب: ليس بثقة ولا مأمون. قلت: وكان من أئمة البدع" .
و
قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان معلقاً على ثناء المأمون _الخليفة المعتزلي – على مؤلفات الجاحظ :
 "وهذه والله صفة كتب الجاحظ كلها فسبحان من أضله على علم". ومما أروده عنه في ترجمته أيضاً: "حكى الخطيب بسند له أنه كان لا يصلي. وقال إسماعيل بن محمد الصفار سمعت أبا العيناء يقول أنا والجاحظ وضعنا حديث فدك وأدخلناه على الشيوخ ببغداد فقبلوه إلا ابن شيبة العلوي فإنه أباه وقال هذا كذب سمعها الحاكم من عبد العزيز بن عبد الملك الأعور. قلت: ما علمت ما أراد بحديث فدك. و
قال الخطابي: هو مغموص في دينه. و
ذكر أبو الفرج الأصبهاني أنه كان يرمى بالزندقة وأنشد في ذلك أشعاراً . و
قال ابن حزم في الملل والنحل: كان أحد المجان الضلال غلب عليه الهزل ومع ذلك فإنا ما رأينا له في كتبه تعمد كذبة يوردها مثبتا لها وإن كان كثير الإيراد لكذب غيره
و
قال أبو منصور الأزهري في مقدمة تهذيب اللغة: وممن تكلم في اللغات بما حضره لسانه وروى عن الثقات ما ليس من كلامهم الجاحظ وكان أوتي بسطة في القول وبيانا عذبا في الخطاب ومجالا في الفنون غير أن أهل العلم كذبوه وعن الصدق دفعوه. وقال ثعلب: كان كذابا على الله وعلى رسوله وعلى الناس" . و
قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث:

(
ثم نصير إلى الجاحظ وهو آخر المتكلمين والمعاير على المتقدمين، وأحسنهم للحجة استثارة وأشدهم تلطفا لتعظيم الصغير حتى يعظم وتصغير العظيم حتى يصغر ويبلغ به الاقتدار إلى أن يعمل الشيء ونقيضه ويحتج لفضل السودان على البيضان وتجده يحتج مرة للعثمانية على الرافضة ومرة للزيدية على العثمانية وأهل السنة ومرة يفضل علياً رضي الله عنه ومرة يؤخره ويقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبعه قال الجماز وقال إسماعيل بن غزوان كذا وكذا من الفواحش ويجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن يذكر في كتاب ذكرا فيه فكيف في ورقة أو بعد سطر أو سطرين. ويعمل كتابا يذكر فيه حجج النصارى على المسلمين فإذا صار إلى الرد عليهم تجوز في الحجة كأنه إنما يريد تنبيههم على ما لا يعرفون وتشكيك الضعفة من المسلمين، وتجده يقصد في كتبه للمضاحيك والعبث يريد بذلك استمالة الأحداث وشراب النبيذ. ويستهزئ من الحديث استهزاء لا يخفى على أهل العلم… إلى أن قال : وهو مع هذا من أكذب الأمة وأوضعهم لحديث وأنصرهم لباطل)
 . أخي القارئ: هذا بعض كلام المحققين من أهل العلم عن الجاحظ فالواجب توخي الحذر عند قراءة كتبه، فلا يؤخذ منها عقيدة ، ولا حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا خبر عن السلف الصالح، فإنه غير مأمون في هذا كله . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
علي بن يحيى الحدادي
إمام وخطيب جامع عائشة بالرياض

الخميس، 14 أكتوبر 2010

الجاحظ

قال الإمام ابن قتيبة ـ رحمه الله ـ
 :


"
 ثم نصير الى الجاحظ وهو آخر المتكلمين والمعاير على المتقدمين وأحسنهم للحجة استثارة وأشدهم تلطفا لتعظيم الصغير حتى يعظم وتصغير العظيم حتى يصغر 

ويبلغ به الاقتدار إلى أن يعمل الشيء ونقيضه ويحتج لفضل السودان على البيضان 

وتجده يحتج مرة للعثمانية على الرافضة ومرة للزيدية على العثمانية وأهل السنة 

ومرة يفضل عليا رضي الله عنه ومرة يؤخره 

ويقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ويتبعه قال الجماز وقال إسماعيل بن غزوان كذا وكذا من الفواحش 

ويجل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أن يذكر في كتاب ذكرا فيه فكيف في ورقة أو بعد سطر وسطرين 

ويعمل كتاب يذكر فيه حجج النصارى على المسلمين فإذا صار إلى الرد عليهم تجوز في الحجة كأنه إنما أراد تنبيههم على مالا يعرفون وتشكيك الضعفة من المسلمين 

وتجده يقصد في كتبه للمضاحيك والعبث يريد بذلك استمالة الأحداث وشراب النبيذ 

ويستهزئ من الحديث استهزاء لا يخفى على أهل العلم كذكره كبد الحوت وقرن الشيطان وذكر الحجر الأسود وأنه كان أبيض فسوده المشركون وقد كان يجب أن يبيضه المسلمون حين أسلموا 

ويذكر الصحيفة التي كان فيها المنزل في الرضاع تحت سرير عائشة فأكلتها الشاة وأشياء من أحاديث أهل الكتاب في تنادم الديك والغراب ودفن الهدهد أمه في رأسه وتسبيح الضفدع وطوق الحمامة وأشباه هذا مما سنذكره فيما بعد إن شاء الله 

وهو مع هذا من أكذب الأمة وأوضعهم لحديث وأنصرهم لباطل 

ومن علم رحمك الله أن كلامه من عمله قل إلا فيما ينفعه 

ومن أيقن أنه مسئول عما ألف وعما كتب لم يعمل الشيء وضده ولم يستفرغ مجهوده في تثبيت الباطل عنده 

وأنشدني الرياشي :

ولا تكتب بخطك غير شيء ... يسرك في القيامة أن تراه
"

راجع كتابه القيم : تأويل مختلف الحديث، ص59




قراءة وانتقاء:

أبوعبدالرحمن
05ذو القعدة 1431