السبت، 3 يوليو 2010

مما أُنتقد على الإمام موفق الدين بن قدامة في رسالة لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد


مما أُنتقد 
على الإمام موفق الدين بن قدامة
في رسالة 
لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

بسم الله الرحمن الرحيم

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 مما أُنتقد على الإمام موفق الدين بن قدامة

من شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
موفق الدين بن قدامة المقدسي
للشيخ العلامة صالح بن عبد العزيز آل الشيخ-حفظه الله تعالى-
وما أَشْكَلَ مِنْ ذلك وَجَبَ إثْباتُه لفْظا، وتَرْكُ التَّعَرُّضِ لِمعْناه، ونرُدُّ عِلْمَه إلى قائله
،
اُنتقدت عليه ثلاث مسائل
هذه أولها
وهي قوله (وجب الإيمان به لفظا)
و
يمكن أن يُخَرَّجَ كلامه يعني أن يُحمل على محمل صحيح
أما الانتقاد فهو
أن يُقال:
إن الواجب أن نؤمن به لفظا ومعنىً، لكن إذا جهلنا المعنى نؤمن بالمعنى على مراد الله جل وعلا، أو على مراد الرسول ،
كما سيأتينا من كلمة الإمام الشافعي أنه
قال
”آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله“
يعني
إذا جهل المعنى, فإذا جهلتَ المعنى تؤمن باللفظ والمعنى لكن المعنى على مراد من تكلم به،
ووجه الانتقاد الذي اُنتقد به الإمام ابن قدامة في هذه اللفظة
أنه يجب الإيمان باللفظ والمعنى،
أمّا
الإيمان بلفظ مجرد عن المعنى فهذا هو قول أهل البدع
؛
الذين يقولون
:
نحن نؤمن بألفاظ الكتاب والسنة دون إيمانٍ بمعانيها
لأن معانيها قد تختلف
.
قالَ الإمامُ أبو عبدِ اللهِ أحمدُ بنُ محمدٍ بنِ حنبلٍ
في قولِ النَّبي
«إنَّ اللهَ ينزِلُ إلى سماءِ الدُّنْيَا»
و
«إنَّ الله يُرى في القيامَةِ»
وما أشبه هذه الأحاديثَ،
قال: نؤمِنُ بها ونُصَدِّقُ بها لا كَيْفَ ولا مَعْنَى ولا نَرُدُّ شيئا منْها،
ونَعْلَمُ أنَّ ما جاءَ به الرَّسولُ حقٌّ، ولا نَرُدُّ على رسولِ اللهِ ولا نَصِفُ اللهَ بأكْثَرَ مما وَصَفَ بِهِ نفسَهُ، بِلاَ حَدٍّ ولا غايَةٍ
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ.
ونقولُ كما قالَ، ونَصِفُهُ بما وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، لا نَتَعَدَّى ذلك، ولا يَبْلُغُهُ وصفُ الواصِفِينَ، نُؤْمِنُ بالقرآنِ كُلِّهِ مُحْكَمُهُ ومُتَشَابِهُهُ ولا نُزِيلُ عَنْهُ صفةً مِنْ صفاتِه لشَنَاعَة شُنِّعَتْ، ولا نَتَعَدَّى القرآنَ والحديثَ، ولا نَعْلَمُ كيفَ كُنْهُ ذلك إلاَّ بتصديقِ الرَّسولِ وتَثْبِيتِ القرآنِ
مما أُخذ على المؤلف
حيث لم يُوضِح المراد من كلام الإمام أحمد.وأهل العلم
يقولون إن الإمام أحمد أراد بقوله (بلا كيف ولا معنى)
الرد على طائفتين:
1. الطائفة الأولى المشبهة المجسمة رد عليهم بقوله (بلا كيف) يعني الكيفية التي تتوهمها العقول، أو وَصَفَ اللهَ جل وعلا بها المجسمة أو الممثلة.

2. وقوله (ولا معنى) ردّ بها رحمه الله على المعطلة، الذين جعلوا معاني النصوص على خلاف الظاهر المتبادر منها،
فقالوا إن معنى النزول الرحمة، وقالوا إن معنى الاستواء الاستيلاء، وقالوا إن معنى الرحمة الإرادة؛
3. إرادة الإحسان أو إرادة الخير، وإن الغضب معناه إرادة الانتقام ونحو ذلك فهذا تأويل منه
.

ونعلَمُ أنَّ اللهَ سبْحانه وتعالى ما أَمَرَ ونَهى إلاَّ المستطيعَ للفِعْلِ والتَّرْكِ، وأنَّه لمْ يُجْبِرْ أَحَدا على معصيةٍ، ولا اضْطَرَّهُ إلى تَرْكِ طَاعَةٍ، وقال اللهُ تعالى(لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا([البقرة:286]، وقال تعالى(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ([التغابن:16]، وقال تعالى(الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ([غافر:17]. فَدَلَّ على أنَّ للعبْدِ فِعْلًا وكَسْبًا يُجْزَى على حَسَنِهِ بالثَّوابِ، وعلى سَيِّئِهِ بالعِقابِ،
وهو واقِعٌ بقضاءِ الله وقَدَرِه.وهنا ذكر الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى لفظ الكسب أيضا، وهذا الموضع مما أنتقد عليه أيضا،

وذلك أن لفظ الكسب مما استعمله الأشاعرة

وجاء في القرآن(لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ([البقرة:286]؛

ولكنه إذا كان في باب الاعتقاد فينبغي إذا استعملت الألفاظ التي يستدل بها أهل البدع ينبغي أن يكون استعمالها موضَّحا بالمعنى الصحيح،

فلا تستخدم الألفاظ التي تحتمل معنىً ليس بصحيح كما عليه أهل البدع، فقوله عز وجل(لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ([البقرة:286] يعني عمِلت، فالكسب في القرآن هو العمل،

أما الأشاعرة ومن شابههم من المبتدعة فاستعملوا الكسب بمعنى أن العبد يكون محلاًّ لفعل الله جل وعلا، فيقول هو كسب الفعل لأنه محله، ولا يجعلونه فاعلا حقيقة، ولكن العبد فاعل لفعله حقيقة، والله جل وعلا هو الذي خلق فعله، فيُضاف الفعل إلى الله جل وعلا خلقا وتقديرا، ويضاف الفعل إلى العبد أيضا فعلا منه واختيارا وعملا، فهو فاعل لفعله حقيقة، والله جل وعلا هو الذي خلق العبد وخلق أفعاله.
انتهى
المصدر

ليست هناك تعليقات: